أحترس…المكان مراقب بالكاميرات

مخترع الكاميرا ربما لم يخطر له على بال فوائد أختراعه فى الدنيا والآخرة!

مخترع الكاميرا ربما لم يخطر له على بال فوائد أختراعه فى الدنيا والآخرة!

وقف خطيب الجمعة الشاب ذو اللحية الخفيفة والمظهر العصرى فوق المنبر محذراً أحد الحاضرين بعد أن أصابه الأرهاق وأغلق عينيه لبرهة، حذره من أنه يوم القيامة لن يستطيع أن ينكر عدم أنتباهه وحرصه على سماع الخطبة لأنه سيتم الرجوع إلى تسجيلات الفيديو التى سجلتها السماء لكل الحاضرين على حد تعبير الشاب الواعظ الذى توعد المتملمين من خطبته الطويلة بعذاب الحريق!

ولكن الشاب الفقيه الذى كان جزء من موجة الدعاة الجدد المتخلين عن المظهر التقليدى لرجال الدين لم يتنبأ بعذاب الحريق الدنيوى الذى ضرب منطقة وسط القاهرة حيث تباع أجهزة تسجيل الفيديو أحد أدوات المحاسبة فى الآخرة على حد تعبيره العصرى، الأجهزة أصابها الحريق رغم أن المنطقة التجارية المزدحمة جداً تمتلأ بمكبرات الصوت الحديثة التى تنساب منها أصوات مقرئى القرآن الخليجيين طلباً للبركة وللستر من أعين محصلى الضرائب.

ولأن التجار يؤمنون بنظرية القضاء والقدر فلقد قرروا عدم التأمين على بضائعهم ضد الحريق خوفاً من أن تكتشف مصلحة الضرائب قيمة بضائعهم الحقيقية الغير مسجلة دفترياً فتطالبهم بحق الحكومة الدنيوى من أموالهم وهو الشئ الغير ملزم دينياً من وجهة نظر الكثيرين، ولكن القدر لم يكن رحيماً بهم فخسروا أضعاف ما كانوا سيدفعونه للحكومة التى أتهموها بالتآمر عليهم لترحيلهم من المنطقة السكنية المكتظة خوفاً على المواطنين من تكرار الحريق ثم بيعها لاحقاً لأحد المستثمرين!

يبدو أن الشعب المصرى المؤمن بطبعه فى حاجة لمراجعة نفسه فالنار لا تحرق مؤمن كما يقول العامة وحريق وسط المدينة كان هو البداية لسلسلة من الحرائق أمتدت إلى طول البلاد وعرضها دون معرفة السبب حتى الآن، ولن يعرف السبب لأن المجتمع الذى يضم أفرد نبذوا المصلى الذى أصابه الأرهاق لمجرد توبيخ الخطيب له لم يفكروا فى سبب أرهاق المصلى الذى ربما كان مريضاً وأصابه الأعياء الذى لن تسجله كاميرات الفيديو مثلما لم تسجل مشعل حرائقنا الأخيرة!

Submit comment

Allowed HTML tags: <a href="http://google.com">google</a> <strong>bold</strong> <em>emphasized</em> <code>code</code> <blockquote>
quote
</blockquote>