الحرام

ممر أوزوريس هذا لا يقع فى الحياة الآخرة ولكن فى تونس العاصمة

قديماً قال أمير الشعراء فى حب المعلمين قف للمعلم ووفه التبجيلَ كاد المعلم أن يكون رسولا، وتواضعاً من معلمنا لمادة التاريخ فقلد قرر أن يجلس بيننا ليحدثنا عن قصة إيزيس وأوزوريس المقررة عليه أن يشرحها شرح المكره على شرب الخمر خوفاً من الموت عطشاً!

ولأن كل من فى الفصل من الذكور فلم يجد المعلم حرجاً من إستخدام بعض الإيحاءات الجنسية لإيصال وجهة نظره فى قصة إيزيس التى جابت أقاليم القطر المصرى تجمع أشلاء زوجها أوزوريس ضحية حقد أهل الشر من أجل البحث عن العضو الذى تحتاجه لإنجاب إبنها حورس خاتماً المعلم حديثه بأن الأسطورة خيالية وكلام فارغ، ولم يذكر أن حورس جاء نتيجة زواج روحى وليس جسدى نتيجة البحث عن العضو ولم يذكر أيضاً بأن هذا الثالوث المقدس الأب والأم وحورس الذى كان بمثابة الروح القدس هم أعضاء محكمة الآخرة التى ترسخت فى وجدان الشعب المصرى القديم فى عصر لم تكن الرسالات السماوية قد وصلت للأرض بعد، لم يذكر هذه المعلومات لأنها الحرام بعينه من وجهة نظره التى نجح فى إيصالها لكل من فى الفصل الذين كان عليهم البحث عن القصة الحقيقية لإيزيس ومغزاها بأنفسهم لأن رسول أحمد بك شوقى لم يؤد رسالته الموكلة له من الدولة المصرية التى كانت أول دولة فى التاريخ تعرف النظام الإدارى الذى قسم الدولة إلى أقاليم لها حدود فيما بينها وحكام يحاسبون أمثال معلمنا ليحاسب فرعون البلاد الجميع فى الدنيا قبل أن يحاسب أوزوريس الجميع فى الآخرة التى سيكون لإيزيس فيها مهمة الشفاعة عن المخطئين!

وكما ترسخ فى وجدان المصرى منذ القدم نظرية الثواب والعقاب فى الحياة الدنيا والآخرة ترسخ فى وجدانه أيضاً أن إيزيس هى الأم الحنون التى ستشفع لهم فى الآخرة خوفاً على العباد من الخلود فى عذاب الجحيم ليستمر تمجيد دور الأم فى المجتمع على مر العصور، فالمرأة التى يحبها المصريون حب القداسة ينعتوها دائماً بالأم حتى بعد أن وصلت الرسالات إلى مصر أستمر هذا التقليد مع السيدة مريم العذراء والسيدة زينب الملقبة بأم العواجز ومروراً بصفية زغلول الملقبة بأم المصريين التى تربى فى كنفها الصحفى على أمين صاحب فكرة الأحتفال بعيد الأم الذى أصبح العيد الحرام فى السنوات الأخيرة وفقاً لبعض رجال الدين الذين قالوا أنه بدعة من الغرب الذى ينتشر فيه أبناء الزنا الذين قرروا الأحتفاء بأمهاتهم أما نحن هنا فلا حاجة لنا بمثل هذا العيد السيئ السمعة ومن ثم فقررت الدولة المصرية أن تسمى اليوم بيوم الأسرة بدلاً من عيد الأم إستجابة لمجتمع يخشى على سمعته وشرفه!

ورغم أن أحمد شوقى قال أيضاً: الأم مدرسة إن أعددتها أعدت شعب طيب الأعراق، رغم بيت الشعر الذى نحفظه جميعاً، يبدو أن الشعب تخلى عن أمه كما تخلت الدولة عن توفير التعليم المناسب لشعب أصبح كالطفل التائه من أمه، لا يجد من يحنو عليه!

Submit comment

Allowed HTML tags: <a href="http://google.com">google</a> <strong>bold</strong> <em>emphasized</em> <code>code</code> <blockquote>
quote
</blockquote>