فيينا روضة من الجنة

المشهد الأول من داخل أحد الكنائس فى فيينا حيث يقوم الحضور بالصلاة من أجل سلامة اللاجئين العابرين بظلمات البر و البحر ، قاموا بالدعاء لهم و قرنوا الدعاء بالعمل حتى تتحق أسباب الدعاء المستجاب ففتحوا أبوابهم لكل لاجئ عالق فى المجر التى يبدو أنها  تشعر بالريبة فى القادمين من الجانب التركى بسبب المطامع التاريخية فى أروبا ، المشهد الثانى متكرر فى كل صلاة جمعة حيث يدعو أئمة المساجد بالشفاء لمرضى المسلمين و بصلاح حال المسلمين ، كل الدعاء يخص المسلمين و لا أذكر سماع دعاء واحد لخير البشرية كلها إلا مرة واحدة و كانت بالتحديد فى الجامع الأزهر و لم يكن بصلاة جمعة !

قبل موجة الثورات العربية بسنوات قليلة هاجم الأعلام العربى فيينا لأن مسئوليها أتخذوا قرار بمنع بناء المآذن فى أحد علامات نوع المولود الذى سيخرج لاحقا الى النور فى فصل الربيع العربى ، و رغم أن القرار يخص المآذن فقط و ليس المساجد و لكن المأذنة التى عرفها العرب فقط عند دخولهم مصر أصبحت مسألة حياة أو موت للمسلمين الذين لديهم شعور دائم بالأضطهاد و الظلم و لديهم أٌقتناع تام بنظرية الغرب المتآمر عليهم حسداً منهم على المسلمين لأنهم أهل الجنة بينما باقى العالم سيخلد فى جهنم مهان و بدأ البعض فى تذكر تاريخ فيينا الأسود التى صدت غزوة العثمانين و ردتهم بعد أن وقفوا ببابهم و حاصروا أسوارهم طويلاً بل شطح أحد الصحفيين بعيداً بخياله ليقول أن أحد طهاة فيينا أخترع الكرواسون على شكل هلال رمز الأمبراطورية العثمانية ليفترس المواطن الأروبى الهلال العثمانى كل صباح أحتفالا بهزيمة خليفة المسلمين فى فيينا ، و يتذكر الآن أهل المجر تاريخ الطمع العثمانى فى أروبا و يعتبرون أن تركيا تهّرب اللاجئين لأحتلال بلاد فشلوا فى أحتلالها عسكريا فقرروا أرسال النساء و الأطفال لأحتلال البلاد و يصبحوا هم الأغلبية فالمرأة العربية ولاّدة و ليست مثل سكان البلاد الأصليين العازفات عن الزواج و الأنجاب بل أن حكام المجر أعتبروا أن المسيحية تتعرض لمؤامرة أسلامية كونية فى ترجمة مجرية للخطاب العربى .

على الجانب الآخر من حدود المجر رفض أهل فيينا عبور جثامين المسلمين الهاربين من جنة الإيمان فى ثلاجة شاحنة الدجاج إلى مثواها الأخير فى صمت و تفجرت فيينا بالغضب كيف يموت على باب جنتهم عابر سبيل بل و كيف يموت الطفل و أمه هذه الميتة الوحشية بثلاجة دجاج و قبضوا على المجرم الذى أهانهم ليتم تكريم أهل الشاحنة فى موتهم تكريم لم يحصلوا عليه فى حياتهم لتقوم أحد المساجد التى لا يعرف أن كانت بمأذنة أم لا بالصلاة عليهم ليتم دفنهم وفق تعاليم الشريعة الأسلامية بمقابر فيينا الخاصة بالمسلمين فى لفتة نمساوية أنها لا ترد من يلجأ إليها مسالما حتى و لو كان ميت.

يبدو أن الراحلة أسمهان التى لجأت الى مصر تنبأت بما سيعانيه اللاجئين فى المستقبل فغنت لفيينا و أعتبرتها روضة من الجنة داعية أن يمر اللاجئ ببعض العذاب قبل أن يدخل الجنة النمساوية فى الدنيا مثل العذاب الذى سيمر به فى آخرته قبل دخوله الجنة فليس هناك أى داعى للأستجابة لرجال الدين الذين يدعون الضعفاء بالصبر على عذاب الدنيا و عدم الأنبهار بنعيم الغرب الزائل فالكافر بالنهاية فى النار و نحن بالنعيم المقيم ألا أن اللاجئ قرر أنه ليس هناك ضرر من بعض النعيم فى فيينا التى فتحت أبوابها للقادمين من بلاد الخليفة العثمانى فى مثال للتسامح و الغفران مع من أردوا السطو على خير جنتهم فى وقت سابق.

هل من الممكن أن نسمع إمام مسلم لخير البشرية كلها بغض النظر عن الدين و الأصل و العرق مثل نظرائه من رجال الدين النمساويين ؟ هل من الممكن أن نسمع دعائه لأهل فيينا الأبرار الذين فتحوا أبواب جنتهم لعابرى السبيل و أكرمت نزلهم ؟

 

 

Submit comment

Allowed HTML tags: <a href="http://google.com">google</a> <strong>bold</strong> <em>emphasized</em> <code>code</code> <blockquote>
quote
</blockquote>