من أجل حفنة دولارات

لو لم أكن مصرياً سأدخر حتى أكون مصرياً!

وقف بوجهه الأسمر المميز وسط فريق يحمل أفرده ملامح متشابهة يحملها نفس الوجه الأبيض المزين بشعر أسود فاحم وناعم، وقف مغلقاً عينيه واضعاً يده اليمنى على الجانب الأيسر من الصدر حيث يستقر القلب الذى كان يستعد لعمل شاق بعد دقائق معدودة عندما تبدأ مباراة المنتخب اليابانى لكرة القدم!

هكذا كان حال اللاعب البرازيلى الأصل الذى حمل الجنسية اليابانية قبل هذا المشهد بأسابيع بناء على طلب البرازيلى زيكو الذى كان يتولى الإدارة الفنية حينها فى خطوة لاقت نقد لاذع من جانب الصحافة اليابانية التى قالت كيف سيقف أجنبى يردد النشيد الوطنى وهو لا يعرف معانى الكلمات ولا يشعر بها مما حدا بالشاب الذى وصله حديث أهل اليابان أن يقف خاشعاً وكأنه يصلى مردداً كلمات النشيد الوطنى اليابانى واضعاً يده على قلبه يستحثه أن يشعر بما يشعر به زملائه فى الفريق الذين كانوا يقفون فى جدية وملامح تحولت إلى الصرامة عندما حان وقت العمل، فاتحين عيونهم معلقين أبصارهم على راية بلادهم المرتفعة فوق سارية الأستاد.

لاعب آخر يحمل ملامح مشابهة لأخيه البرازيلى تواترت بعض الأنباء عن رفض أتحاد الكرة المصرى مقترحاً بتجنيسه رغم الحاجة الماسة له لسد النقص فى أحد المراكز، ورغم أن اللاعب كان قد أبدى ترحيبه  بالجنسية المصرية رغبة منه فى الذهاب إلى المونديال الذى ذهبت إليه بلاده الأصلية بدونه وأراد لمصر أن تتبناه مثلما تبنت الدنيا كلها كما يقال دائماً، ولقد أرجع البعض رفض أتحاد الكرة المصرى إلى الخوف من نيران بعض النقاد الرياضيين الذين يرون أن مسألة التجنيس عار كبير، هؤلاء النقاد الذين هاجموا لاعبى الفريق المصرى أكثر من مرة بسبب عدم ترديد كلمات النشيد الوطنى بالحماس والحب الكافيين، متهمين الجيل الحالى من اللاعبين بالداعشية تارة حيث تُعتبر أعلام الدول والأناشيد الوطنية بدعة مكانها النار، أو بالأنتماء الوطنى لجيوبهم التى تحثهم على فعل أى شئ من أجل حفنة دولارات تارة أخرى!

غير أن الحديث عن السلام الوطنى لم ينقطع بخروج المنتخب المصرى من المونديال حيث أصدرت وزيرة الصحة حفنة قرارت فور توليها مهامها وكان أشهر قرار إذاعة السلام الوطنى كل يوم صباحاً فى كل المشافى التابعة لوزارة الصحة مما أثارة موجة كبيرة من السخرية فى الواقع الأفتراضى وغير الأفتراضى أيضاً حيث تم التحقيق مع فريق أطباء أحد الوحدات الصحية لأنهم نظموا طابوراً لأنفسهم فى أحد الأيام أمام وحدتهم الصحية الكائنة فى أحد المحافظات الريفية التى تفتقر للدعم مرددين النشيد الوطنى كنوع من الأعتراض على الفرمان الوزارى!

من أجل حفنة دولارات كانت هى الجملة الدارجة التى أستخدمها الإعلام أثناء موجة الإرهاب التى ضربت البلاد فى التسعينات حيث كان يُتهم شباب الجماعات الإرهابية بأنه باع وطنه من أجل حفنة دولارات وأن الدين منهم برئ وأن الوطن لا يريد أن يحمل من تُشترى وطنيته فوق أرضه إلا أن القانون الجديد الذى أصدره مجلس النواب منذ أيام منح الحق لمن يملك حفنة كبيرة بعض الشئ من الدولارات أن يكون مصرياً وليس عليه أن يحفظ النشيد الوطنى لأنه لن يكون مطالباً بترديده للحصول على الجنسية اللهم إلا إن كان طبيباً فهو مجبر على حفظ كلمات النشيد مثله مثل اللاعب البرازيلى الذى كان يغمض عينيه وحيداً وسط فريق من المبصريين!

Submit comment

Allowed HTML tags: <a href="http://google.com">google</a> <strong>bold</strong> <em>emphasized</em> <code>code</code> <blockquote>
quote
</blockquote>