خرجت ولم تعد

تمثال الحرية

يبدو أن الفنان الفرنسى بارتولدى وقع فى غرام فلاحة مصرية فنحت لها تمثالاً ويبدو أنه تمنى لها الحرية والعلم فجعلها تحمل كتاباً بيد وترفع باليد الأخرى شعلة تضئ بها طريق من يمر بقربها ويبدو أيضاً أن الحكومة المصرية آنذاك شعرت بالغيرة على الفلاحة فرفضت مشروعه تماماً حتى بعد أن قام الفنان بارتولدى بتعديله الذى ربما يكون ستر شعر الفلاحة بالحجاب لعل أهلها يأذنوا لها فتخرج للنور تستقبل زوار مصر على مدخل قناة السويس لتكون أول ما يقع عليه العين عن دخولها مصر!

تذكرت هذأ التمثال عند قراءة خبر إبلاغ رب أحدى الأسر فى الصعيد الشرطة عن أختفاء أبنته البكر الرشيد بدون سبب وأنه بحث عنها فى كل مكان دون جدوى وكالمعتاد فى هذه الحالات قام بأتهام الشرطة بالتراخى واللامبالاة تجاه مطالبه بأسترجاع أبنته المتعلمة والتى تمت سن الرشد والتى أيضاً لم تكن الأولى التى تخرج من بيت أهلها بدون إذن منهم، الأهالى الذين لم يكونوا ليثيروا كل هذا الضجيج لو كان المختقى ذكراً ولكنها عادات المجتمع الثابتة تجاه الأنثى حتى ولو أختلف الدين.

فى نهاية تحقيقات البحث والتقصى عن قصص مشابهة سابقة لأختفاء الفتيات وجد أنهن خرجن بمحض إرادتهن طلباً للحرية حتى ولو كانت حرية مؤقتة حيث غالباً ينتهى الأمر بالقبض عليهن من قبل الشرطة التى تخالف القانون فى هذا الشأن إرضاء للمجتمع، وتبقى فلاحة الفنان بارتولدى التى خرجت ولم تعد مثال ناجح لقياس قيمة الحرية ونتيجتها فى صناعة مصير الأمم وإشارة للقدر الذى تنبأ بالمصير الذى كان ربما ليلحق بها لو ظلت هنا بالقرب من تمثال ديلسيبس صديق بارتولدى وصاحب دعوته لزيارة مصر!

Submit comment

Allowed HTML tags: <a href="http://google.com">google</a> <strong>bold</strong> <em>emphasized</em> <code>code</code> <blockquote>
quote
</blockquote>