قصر البارون أمبان المبنى على طراز المعابد الهندوسية مهجور من ساكنيه الذين فضلوا العيش خارج مصر رغم أن جدهم هو الذى أسس ضاحية مصر الجديدة!
” أستخرج مواطن الجمال فى البيت التالى” هكذا كان السؤال التقليدى فى مادة اللغة العربية الذى كان يتبع دائماً ببيت شعر وكل ما عليك هو توضيح مواطن الجمال فى هذا البيت من تضاد وترادف وتشبيه أستخدمه الشاعر حتى يوضح لمتذوقى الجمال المعنى الذى يسعى إلى إيصاله إليهم عبر أدوات اللغة التى أبدع فى أستخدام كلماتها كالصائغ الذى أبدع فى صناعة الحلى بوضع قطع من الدر على قطعة من المعدن النفيس عليك تأملها بدقة لأستشعار جمال زخارفها.
هذا هو ما سيدور فى عقلك وأنت تسير فى بعض شوارع القاهرة والأسكندرية القديمة متأملاً محال وبيوت ودور عبادة لاتزال أحد مواطن الجمال، الجمال الذى يزداد قيمة كلما مررت أنت والزمان به الذى يتركك وحيداً عند خروجك من هذه الشوراع إلى شوراع أقل عمراً ولكنها أكثر قبحاً حينها ستشعر عينك بمواطن الجمال التى غابت عنها للتو فالبتضاد تستشعر قيمة الأشياء الجميلة أكثر!
فى مناطق القاهرة والأسكندرية القديمة تتجاور البنايات والمحال المختلفة والمتنوعة معمارياً أختلافاً يعبر عن خلفية أصحابها الثقافية والدينية المختلفة حتى فى اللكنة العربية التى كانوا يتحدثوا بها، فمن الطبيعى أن تشاهد المعبد اليهودى بجوار كنيسة لطائفة أستوطنت مصر حديثاً بالقرب من جامع أستلهم طرازه المعمارى من عصر المماليك الذين أستوطنوا مصر هم الآخرين يوماً ما، ومن الشائع أيضاً أن تجد أن بعض البنايات والمحلات لا تزال تحتفظ بأسماء تعبر عن خلفية من أستوطنوها الدينية والثقافية.
ولكن عند خروجك من هذه المناطق إلى المناطق الأحدث تجد أن مواطن الجمال أصبحت نادرة كندرة أصحاب مواطن الجمال القديمة الذين رفضوا مغادرة وطنهم الجميل حباً له رغم تغير مزاج المجتمع وتقلبه أكثر من مرة من مجتمع تفشت فيه المشاعر القومية فى ستينيات القرن الماضى إلى مجتمع تتفشى فيه الأصولية الدينية حيث تتراجع مواطن الجمال التى لا تجد وطن لها إلا فى مجتمعات يتعايش التضاد داخل بيوت سكانيها كما فى بيوت أشعار مبدعيها!
