و السلام ختام

الشاب الأعزل الواقف أمام عربة الشرطة لا يزال مجهولاً حتى الآن

الشاب الأعزل الواقف أمام عربة الشرطة لا يزال مجهولاً حتى الآن

مع أستمرار فعاليات قمة المناخ فى باريس و رغبة العالم فى إسنتشاق هواء نظيف تتبادر إلى الذهن أيام الثورة الخوالى عندما كان هواء القاهرة الملوث يختلط برائحة قنابل الغاز المسيلة للدموع التى تفقد متلقيها حواسه الأساسية من شم و نظر و لا يستطيع فتح فمه فدخان القنابل له مذاق الشطة السودانى و لا تتبقى إلا حاسة السمع التى تصبح حينها ضرورية لأستكشاف ممرات الفر و مواضع التجمع لأعادة الكر من أجل إسقاط النظام الذى أفسد كل شىء حتى الهواء !

و لكن يبدو أن الثائر الضعيف الذى لا يملك إلا صوت يُبح و يستسلم سريعاً و قلب يملئه أمل صامد عنيد لم يتوقع أنه سيسقط بدلاً من نظام واحد نظامين و رغم هذا أستمر هواء القاهرة كما هو ملوث و فاسد فالمشكلة ليست فى النظام و لكن فى المجتمع الذى يساهم فى تلويث و إفساد حياته بنفسه و يعتبر الحرية و الكرامة و المساواة خطر على الدين تارة و خطر على الوطن تارة أخرى ، فقدسية الوطن عند البعض من قدسية حاكمه و قدسية الدين عند البعض الآخر من قدسية المتحدث بأسمه و المتكسب من ورائه .

فبعد أيام قليلة من ثورة قيل أنها ألهمت العالم قطع الملهمون خطوط السكك الحديدية فى إحدى محافظات الصعيد رفضاً لتعيين قبطى محافظاً و قطع آخرون كورنيش نيل القاهرة مطالبين بحقوق الأقباط المهضومة منذ سنوات طويلة بينما تجمع آخرون فى ميدان التحرير حيث كانت سلمية الثورة تلهم العالم يهتفون بحياة المشير الذى دهست مدرعاته شركاء الوطن من بضعة أيام و على بعد أمتار من الميدان !!

و رحل المشير فى سلام و أتى مشير آخر أستجاب لهبة المطالبين بتحرير البلاد من إحتلال جماعة تعتبر طاعتها هو طريق النجاة دنيا و آخرة ، و لأن الكثير قد أصابه الملل من الطاعة فكان يجب أن ترحل من أجل مستقبل لا يجد فيه الخارج عن الجماعة نفسه متهماً بالخروج من الدين و يتم الحكم عليه فى دنياه و آخرته بأحكام معلبة و جاهزة و لكنها فاسدة لتخطى مدة صلاحيتها زماننا بزمان .

و رغم رحيل نظام وراء نظام آخر ظل هواء القاهرة الملوث أستمر كما هو محمل بغبار الأجيال السابقة المتوراث التى هتفت لقائد مهزوم و قتلت سلفه المنتصر و عندما قام الشعب من سباته الطويل ، ظن الجميع أن الهواء سيصبح أكثر نقائاً و عند أول نفس عميق أصاب أصحاب النوايا الحسنة السعال الشديد فروائح التعصب الدينى و الفاشية و التخوين أصبحت أقوى و أكثر تركيزاً من ذى قبل !

Submit comment

Allowed HTML tags: <a href="http://google.com">google</a> <strong>bold</strong> <em>emphasized</em> <code>code</code> <blockquote>
quote
</blockquote>