كانت ليلة باردة غاب فيها القمر عن السماء التى أسودت ربما حداداً منها على الأحداث التى مرت بالأمس ذكراها ، محيط قصر الأتحادية كان مسرح أحداث فض إعتصام ضرب إعتراضاً على الإعلان الدستورى الذى أصدره محمد مرسى بعد شهور من إستلامه السلطة و الذى بموجبه منح لنفسه صلاحيات شبه إلهية تحكم قبضته على بلاد كان يحكمها بعد أنتخابات قيل أنها ديمقرطية لشعب قيل له أن الديمقراطية هى أنتخابات و أغلبية و أقلية و دمتم بينما الديمقراطية الحقيقية بريئة من مفهومهم براءة الذئب من دم إبن يعقوب .
غير أن الأعلان الدستورى الذى صدر و تم إلغائه لاحقاً بعد أحداث وضعت فى قلب من حضرها ضرورة الكفاح لسنوات من أجل الخروج من بئر تم إلقاء الشعب المصرى فيه كالبئر الذى ألقى أبناء يعقوب أخاهم يوسف فيه ، و لكن البئر الذى كان فيه يوسف الذى وصل إلى مصر لاحقاً و أصبح أميناً على خزائنها التى أنقذت العالم من المجاعة التى ضربته يختلف عن بئر الشعب المصرى الذى يريد الخروج منه للوصول إلى مصر كالتى كانت أيام يوسف ، فكلما حاول الشعب الخروج من البئر وجد من يشده بقوة إلى أسفل و الوارد الذى أدلى دلوه و أخرج يوسف أصبح لا يمر على البئر الذى يجف يوماً بعد يوم !
أنصار مرسى الذين تجمعوا عند مسجد رابعة العدوية و قاموا بالهجوم على معتصمى الأتحادية بالشوم و العصى و الأسلحة البيضاء لفض أعتصامهم نجحوا فيما سعوا إليه و أحتلوا محيط قصر رئاسة قائدهم الذى أنفتحت أبواب حديقته لهم بعد أن أستتب الأمر لهم ليغتسلون من دماء لوثت أيديهم و ثيابهم تحرسهم أعين حرس سلطانهم بينما الجامع المقابل للقصر تحول إلى مقر إستجواب لمن وقع فى أيديهم من المعتصمين و الذين كان يتم إنتزاع الأعترافات منهم تحت وطأة عمليات تعذيب تتم بإشراف أطباء إخوانجية نكثوا بقسم أبقراط طاعة للمرشد و نائبه و مرؤوسهم المنتخب حديثاً ، فى مشهد غاب عنه الجيش و توارت فيه الشرطة التى ظهرت فى مشهد واحد على إستحياء بأحد الشوارع المحيطة بالقصر تحاول الفصل بين المشتبكين بتفريق معارضى مرسى إخوانه !
بعد شهور من قيام الإخوان بفض إعتصام الأتحادية إنطلاقاً من رابعة تم فض أعتصامهم الذى ضربوه فى رابعة من أجل أن يعيدوا مرسى إلى الأتحادية و تجرعوا من نفس الكأس التى سقوها لغيرهم منذ شهور ، بينما مصر التى كانت تطعم العالم أيام يوسف و لجأ إليها أباه يعقوب و بنيه فى السبع سنوات عجاف تكافح الآن للخروج من سنوات أخرى عجاف أطول من التى كانت أيام يوسف عليه السلام و لكن يبدو أن السنوات ستصبح أطول فخزائن الأرض خاوية و لا يوجد حتى الآن من لديه النية لملئها !